الحج لغة: القصد.
وشرعاً: قصد مكة لأداء المناسك في زمن مخصوص بشروط مخصوصة.
والعمرة لغة: الزيارة.
وشرعاً: قصد مكة لأداء المناسك في غير وقت الحج بشروط مخصوصة.
حكم الحج:
الحج واجب بالكتاب والسنة والإجماع وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، ووجوبه معلوم من الدين بالضرورة.
فمن الكتاب قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } [آل عمران: 96-97].
ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ً) متفق عليه.
أما الإجماع: فقد أجمع المسلون على فرضيته من غير أن يشذ منهم أحد.
حكمة مشروعية الحج:
إن العبادات وجبت لحق العبودية أو لحق شكر النعمة، وفي الحج إظهار العبودية وشكر النعمة. أما إظهار العبودية: فلأن الحاج في حال إحرامه يظهر التذلل للمعبود بإظهار الشعث ورفض أسباب التزين والارتفاق، وأما شكر النعمة: فلأن العبادات بعضها بدنية وبعضها مالية، والحج عبادة لا تقوم إلا بالبدن والمال. ولهذا لا يجب إلا عند وجود المال وصحة البدن، فإن فيه شكر النعمتين. وشكر النعمة ليس إلا استعمالها في طاعة المنعم.
ومنها: اجتماع المسلمين من جميع الأقطار والبلدان في صعيد واحد للتعارف والتشاور والتناصح واجتماع الكلمة، والحرص على المصالح العامة الدينية والدنيوية. يدل على ذلك قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } [الحج: 28].
حكم العمرة:
واجبة في العمر مرة.
وقد وردت مشروعيتها بالكتاب والسنة.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله } [البقرة: 196].
ومن السنة: (عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله: هل على النساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة ) رواه ابن ماجه. وصححه الألباني.
حكمة مشروعية العمرة:
شرعت العمرة تشريفاً للبيت وتكريماً للبقاع الطاهرة والأماكن المقدسة، ولما كانت مكة محط الرحال، ومجتمع الأمم الإسلامية، وملاذ اللاجئين يأتون إليها رجالاً وعلى كل ضامر، شرعت العمرة في جميع السنة حتى يبقى البيت معموراً مقصوداً معظماً، ولا تنتظر الركبان والوفود أيام الحج تفضلاً منه تعالى ورحمة بعباده.
حكمة الإحرام:
شرع الإحرام لإظهار التذلل والعبودية بإظهار الشعث والغبرة، وترك الرفث والفسوق، والمنع عن أسباب الزينة والارتفاق، لأنه مبدأ النسك والعبادة. فهو للحج أو للعمرة كتكبيرة الإحرام للصلاة، فكما أن المصلي بالتكبير يحرم عليه ما كان مباحاً من قبل، فكذلك المؤدي لأحد النسكين بالإحرام يترك من الزينة والطيب ولبس المخيط وغير ذلك ما كان مباحاً له من قبل الإحرام. وجعل الإحرام من المواقيت مع أنها خارج الحرم زيادة في شرف البيت وفضله. فإن الشارع لم يكتف في تشريف البيت بأن جعل له حرماً آمناً، بل أكد ذلك وقواه بأن جعل لحرمه حرماً، وهي الحدود المعروفة للحرم.
حكمة استلام الحجر الأسود:
شرع استلام الحجر الأسود لأنه ورد أنه يشهد لمن استلمه يوم القيامة بالحق. وهوحجر لا يضر ولا ينفع، كما قال عمر رضي الله عنه: (والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك ) ونحن نفعل ذلك تعظيماً لله تعالى واقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
مشروعية السعي بين الصفا والمروة:
شرع السعي بينهما إحياء لسنة أم إسماعيل في القصة ـ المعروفة ـ عندما كانت تتطلع إلى قادم يؤنسها، وساكن يجاورها في واد غير ذي زرع.
مشروعية الوقوف بعرفة:
الوقوف بعرفة أحد أركان الحج، بل هوالركن الأعظم فواجب على الحجاج الاجتماع والوقوف يوم عرفة في ذلك المكان، لأنه هو اليوم الذي أتم الله فيه النعمة على المسلمين وأنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم : {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [سورة المائدة: 3].
فتذكاراً لتلك النعم الجليلة كان لهذا اليوم شرف ومنزلة، وشرع فيه من العبادات ما يناسبه من الاجتماع والدعاء.
مشروعية رمي الجمار:
من مناسك الحج رمي الجمار حيث يرمي الحاج يوم النحر جمرة العقبة، ثم يرمي في أيام التشريق الجمار الثلاث. وقد شرع الرجم لإرغام الشيطان وإهانته، وإحياء لقصة إبراهيم الخليل عليه السلام، فإنه لما عرض له الشيطان عند الجمار لإغوائه رماه بالحصى لإهانته ورد كيده، فشرعه الله للناس حتى يبقوا يقظين متفطنين لإغواء الشيطان.
مشروعية الجمع بين الظهر والعصر في عرفة والمغرب والعشاء بمزدلفة:
شرع الجمع بين الظهر والعصر في عرفة ليتمكن الحجاج من التفرغ للذكر والتهليل والدعاء لمصالح دينهم ودنياهم، لأنه يعسر عليهم الاجتماع للعصر بعد ما تفرقوا، لأن الموقف واسع فلا يمكنهم إقامة الجماعة بعد التفرق فيه. وإنما شرع تأخير المغرب لأجل اتصال المسير ومتابعة المشي إلى المبيت في المزدلفة، ولإحراز فضل الجمع والجماعة فيها، فيحصل له شرف الزمان والمكان جميعاً.
حكمة الهدي والدماء:
الهدي: اسم لما يهدي إلى الحرم تقرباً إلى الله به وهو من الإبل والبقر والغنم. أما هدي التطوع والقران والمتعة فإنها دماء نسك، شرعت إراقتها في الحرم تقرباً إلى الله تعالى، وشكراً لنعمة القيام بإتمام الحج، والتوفيق على أداء النسكين الحج والعمرة، وتوسعة على فقراء مكة ليكمل السرور وتتم النعمة. ويستوي فيها الفقير والغني، ولذلك جاز الأكل منها والادخار وإطعام الإغنياء. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من لحوم هداياه في حجة الوداع.
وأما دماء الجنايات وهدي الإحصار وغيرها فإنها دماء كفارات شرعت جبراً للجناية، وتداركاً للتقصير الحاصل في أداء النسك، أو الحاصل بالتعدي على الإحرام والحرم، فيحرم عليه الأكل والانتفاع بها لزيادة الزجر والتأديب. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى صاحبها عن أكلها، وأوجب أن تكون في الحرم، وتهدى لفقراء الحرم ومساكينه.
شروط وجوب الحج:
1. الإسلام.
2. العقل.
3. كمال الحرية، لأن العبد غير مستطيع، لعدم اكتمال أهليته في التصرف والتملك.
4. الاستطاعة: وهي ملك زاد وراحلة، لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ً} آل عمران: 97.
ثم الاستطاعة تختلف بين الذكر والأنثى:
أ- فالذكر يكون مستطيعاً إذا ملك المال اللازم، وحدّه: أن يملك الزاد والراحلة، مع أمن الطريق، ونفقة من يعول إلى حين رجوعه. وأن يكون قادراً ببدنه على أداء المناسك.
ب- الأنثى تتحقق استطاعتها:
1. مالياً بتوفر الزاد والراحلة، وبدنياً بالإستطاعة على أداء المناسك.
2. أن يكون معها ذو محرم . لعموم الاحاديث الناهية للمرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي اكتتب في إحدى الغزوات أن يحج مع امرأته. فإذا لم تجد محرمـاً فهي غير مستطيعة شرعاً، ولا يجب عليها الحـج.
باب المواقيت المكانية
المواقيت خمسة هي:
1. ذو الحليفة: وهو لأهل المدينة ولمن مر بها.
2. الجحفة: وهي قرية قرب رابغ، ومن أحرم من رابغ أجزأه، لأنها قبلها بيسير، وهذا ميقات أهل الشام ومصر ومن جاء من ذلك الطريق.
3. يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن جاء من ذلك الطريق.
4. قرن المنازل: ويسمى الآن بالسيل الكبير، وهو لنجد وما جاورها ومن مر بها.
5. ذات عرق: لأهل المشرق.
وقد أجمع العلماء على هذه المواقيت في الجملة.